كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



149- ثم قال جل وعز: {وقطعناهم في الأرض أمما} (آية 168).
أي فرقناهم فرقا.
150- وقوله جل وعز: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات} (آية 168) أي واختبرناهم بالشدة والرخاء والخصب والجدب.
151- وقوله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتباب الله} (آية 169) قال مجاهد يعني النصارى وقال غيره يعني أبنائهم قال أبو جعفر وهذا أولى القولين والله أعلم لأنه يقال لولد الرجل خلفه يقال للواحد وللاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد والجمع خلوف.
وقيل إنما يستعمل للردئ من الأبناء فأما الخلف بتحريك اللام فهو البدل من الشيء من ولد أو غيره.
152- ثم قال جل وعز: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} (آية 169) قال ابن عباس رحمه الله يستقبلون الدنيا فيأكلونها ويتأولون كتاب الله هذا معنى قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} قال مجاهد يأخذون في يومهم ما كان من حلال أو حرام وإن وجدوا ذلك لغد أخذوه وقال غيره يأخذون الرشى في الحكم ويقولون سيغفر لنا وهم لا يتوبون ودل على انهم لا يتوبون قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} والعرض في اللغة متاع الدنيا أجمع والعرض بتسكين الراء ما كان من المال سوى الدنانير والدراهم وما كان من الدنانير والدراهم قيل له نقد وغيره ومعنى ودرسوا ما فيه أي قد قرأوه وهم قريبو عهد بقراءته.
153- ثم قال تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المحسنين} (آية 170) معنى يمسكون بالكتاب يتبعون ما فيه ويحكمون به إنا لا نضيع أجر المحسنين أي من أصلح منهم وآمن ولم يعاند.
154- وقوله جل وعز: {وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} (آية 171).
يقال نتقت الشيء أنتقه قال نتقا ونتوقا عن إذا زعزعته ورميت به أو قطعته منه امرأة ناتق أي كثيرة الولد كأنها ترمي بالأولاد ويقال نتقت السقاء إذا نقضته لتخرج ما فيه من الزبد قال قتادة رفع الجبل على رؤوسهم وقال لهم موسى صلى الله عليه وسلم إن قبلتم ما في الكتاب وإلا سقط عليكم ومعنى بقوة بجد.
155- وقوله جل وعز: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} (آية 172) أحسن ما قيل في هذا ما تواترت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله جل وعز مسح ظهر آدم فأخرج منه ذريته أمثال الذر فأخذ عليهم الميثاق فكأن يفهمهم ما أراد جل وعز كما قال تعالى: {قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}.
وفي الحديث كل مولود يولد على الفطرة أي على ابتداء أمره حين أخذ عليهم العهد حدثنا أبو جعفر قال نا عبد الله بن إبراهيم المقرئ البغدادي بالرملة قال نا عباس الدوري قال نا عبد الله بن موسى قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم إلى قوله المبطلون قال جمعهم فجعلهم أزواجا ثم صورهم ثم استنطقهم فقال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا إنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك قال فارسل إليكم رسلي وأنزل عليكم كتبي فلا تكذبوا رسلي وصدقوا وعيدي وإني سأنتقم ممن اشرك بي ولم يؤمن بي فأخذ عهدهم وميثاقهم وذكر الحديث.
قال أبو جعفر ونذكر حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في معنى هذه الاية في الإعراب وغيره إن شاء الله.
156- ثم قال جل وعز: {قالوا بلى} (آية 172) وهذا التمام على قراءة من قرأ أن تقولوا بالتاء قال أبو حاتم وهي مذهبنا لقوله ألست بربكم يخاطبهم فقال على المخاطبة أن تقولوا أي لأن لا تقولوا وقرأ بن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما أن يقولوا بالياء والمعنى على هذه القراءة وأشهدهم على أنفسهم كراهة أن يقولوا.
157- وقوله جل وعز: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} (آية 175).
وروى شعبة عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال هو بلعام وروى ابن أبي جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عباس قال هو بلعام بن باعر من بني إسرائيل قال سعيد بن جبير كان معه اسم الله الأعظم فسألوه أن يدعوا الله على موسى عليه السلام واصحابه فقال أخروني وكان لا يدعو على أحد حتى يرى ذلك في نومه فبات فنهي في نومه فعادوا إليه وكان موسى صلى الله عليه وسلم قد جاءهم في ثمانين ألفا خلف الفرات فلما سألوه أن يدعو عليه بعدما نهي قال لهم أخرجوا إلى أصحابه النساء ليفتتنوا فتنتصروا عليهم فانسلخ مما كان فيه وكان قد أمر في نومه أن يدعو له قال عبد الله بن عمرو بن العاص رحمهما الله هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت.
وقال عكرمة هو من كان من اليهود والنصارى لم يصح إسلامه يذهب إلى أنهم منافقوا أهل الكتاب وقال ابن عباس في قوله تعالى: {فانسلخ منها} هو ما نزع منه من العلم.
158- ثم قال جل وعز: {فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} (آية 175) يقال اتبعه إذا أدركه وتبعه إذا سار في أثره هذا الجيد.
وقيل هما لغتان.
159- وقوله جل وعز: {ولو شئنا لرفعناه بها} (آية 176).
قال مجاهد أي لرفعناه عنه ومعناه لعصمناه من مما فعل.
160- ثم قال جل وعز: {ولكنه أخلد إلى الأرض} (آية 176) قال مجاهد أي سكن والتقدير إلى نعيم الأرض ولذاتها.
161- وقوله جل وعز: {فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} (آية 176) قال مجاهد أي إن تحمل عليه بدابتك أو رجلك يلهث أو تتركه يلهث وكذلك من يقرأ الكتاب ولا يعمل بما فيه وقال غير مجاهد هذا شر تمثيل في أنه قد غلب عليه هواه حتى صار لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا بكلب لاهث أبدا حمل عليه أو لم يحمل عليه هو لا يملك ترك اللهثان.
162- وقوله جل وعز: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس} (آية 179) أي خلقنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس يقال ذرا الله خلقه يذرؤهم ذرءا أي خلقهم وقوله تعالى: {أولئك كالأنعام} وصفهم بأنهم بمنزلة من لا يعقل.
163- ثم قال جل وعز: {بل هم أضل} (آية 179).
لأن الأنعام إذا أبصرت مضارها اجتنبتها أو أكثرها ولا تكفر معاندة.
164- وقوله جل وعز: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} (آية 180) روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن لله تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة.
وقال بعض أهل اللغة يجب على هذا أن لا يدعى الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه فيقال يا جواد في ولا يقال يا سخي.
165- وقوله جل وعز: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} (آية 180) قال ابن جريج اشتقوا العزى من العزيز واللات من الله قال أبو جعفر والإلحاد في اللغة الجور والميل ومته بن لحد القبر لأنه ليس في الوسط إنما هو مائل في ناحيته قال أبو جعفر وفرق الكسائي بين ألحد ولحد فقال ألحد عدل عن القصد ولحد ركن إلى الشئ.
وعلى هذا قرأ في النحل يلحدون بفتح الياء بمعنى الركون.
166- وقوله جل وعز: {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} (آية 182) يقال استدرج فلان فلانا إذا اتى بأمر يريد ليلقيه في هلكة ولا يكون الاستدراج إلا حالا بعد حال ومنه فلان يدرج فلانا ومنه أدرجت الثوب.
167- وقوله جل وعز: {وأملي لهم إن كيدي متين} (آية 183) ومعنى أملي أؤخر والملاوة القطعة من الدهر ويقال بالضم والكسر ومنه تمل حبيبك والمتين الشديد.
168- وقوله جل وعز: {أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} (آية 185) قال سفيان يعني خلق السموات والأرض.
169- وقوله جل وعز: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} (آية 187) قال قتادة أي متى قيامها وقال غيره يقال رسى الشيء يرسو رسوا إذا ثبت وأرسيته هذه أثبته.
170- ثم قال جل وعز: {قل إنما علمها عند ربي} (آية 187) أي لا يعلم متى قيامها غلا الله.
171- ثم قال جل وعز: {لا يجليها لوقتها إلا هو} (آية 187) يقال جلى لي فلان الخبر إذا أظهره وأوضحه.
172- ثم قال جل وعز: {ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة} (آية 187) أي خفي علمها وإذا خفي الشيء ثقل وقيل أي ثقلت المسالة عنها أي عظمت.
173- ثم قال جل وعز: {لا تأتيكم إلا بغتة} (آية 187) أي فجأة.
174- وقوله جل وعز: {يسألونك كأنك خفي عنها} (آية 187) قال قتادة قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم نحن أقرباؤك فأسر إلينا متى الساعة فانزل الله جل وعز: {يسألونك كأنك حفي عنها} أي حفي بهم والمعنى على هذا التقديم والتأخير أي يسألونك عنها كأنك حفي لهم أي فرح لسؤالهم وهو معنى قول سعيد بن جبير أبي يسالونك كأنك حفي لهم.
175- وقوله جل وعز {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} (آية 188) روي عن ابن عباس أنه قال لو أني أعلم سنة القحط والجدب لهيأت لها ما يكفيني وقيل لو كنت أعلم متى أموت لاستكثرت من العبادة فيكون الخير ها هاهنا هن العبادة.
وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسال عما في قلوب الناس وما يسرونه فقال لو كنت أعلم الغيب أي ما يسرونه وما يقع بكم حتى تحذروا مكروهه لكان أحرى أن تجيبوني إلى ما أدعوكم.
لاستكثرت من الخير أي من إجابتكم إلى ما أدعوكم وما مسني السوء منكم بتكذيب أو عداوة إذ كنت عندكم كذلك ودل على هذا الجواب إن أنا إلا نذير أي لست أعلم من الغيب إلا ما علمني الله وقيل ولو كنت أعلم الغيب أي كتب الله وقال الحسن لاستكثرت من الخير من الوحي.
176- وقوله جل وعز: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} (آية 189) يعني آدم صلى الله عليه وسلم وجعل منها زوجها يعني حواء فلما تغشاها كناية عن الجماع حملت حملا خفيفا فمرت به قال الحسن أي فاستمرت به والمعنى أنها مرت به وجاءت لم يثقلها.
وقرأ ابن يعمر فمرت به خفيف أي شكت في الحمل روي عن ابن عباس رحمه الله فاستمرت به قال أبو حاتم أي استمر بها الحمل فقلب الكلام كما يقال أدخلت الخف في رجلي فلما أثقلت أي استبان حملها دعوا الله ربهما لئن آتينا صالحا قال الحسن أي غلاما وقال أبو البختري خافا ان يكون بهيمة.
177- ثم قال جل وعز: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} (آية 190).
روى خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال أتاهما إبليس فقال أنا أخرجتكما من الجنة فإن أطعتماني وإلا جعلت له قرنين فشق بطنك أو أخرجته ميتا فقضي أن يخرج ميتا ثم حملت حملا آخر فقال لهما مثل ذلك فقضي أن يخرج ميتا ثم حملت حملا آخر فقال لهما مثل ذلك فقالت له حواء فيم تريد ان أطيعك قال سميه عبد الحارث فسمته فقال الله جل وعز: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} قال غيره يعني في التسمية خاصة وكان اسم إبليس الحارث.
178- ثم قال تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} (آية 190) أي عما يشرك الكفار ويدل على هذا أيشركون ما لا يخلق شيئا يعني الأصنام وروي عن عكرمة أنه قال لم يخص بهذا آدم وحواء وحدهما والتقدير على هذا الجنس كله أي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل منها أي من جنسها زوجها فلما تغشاها على الجنس كله وكذا دعوا يراد به الجنسان الكافران ثم حمل فتعالى الله عما يشركون على معنى الجميع فهذا أولى والله أعلم من أن ينسب إلى الأنبياء عليهم السلام مثل هذا.